2018/06/22 {مضى رمضان، وأهل شوال..وأقبل الحج}
الاســتمـاع للــخـطبـة:     
إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده ، لا شريك له ، وأشهد أن محمداً- صلى الله عليه وسلم - عبده ورسوله ،{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102 ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }  النساء1 ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً{70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً{71}} الأحزاب ، أما بعد،فان أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وبعد ، عباد الله ، أيها المسلمون : 
 
{مضى رمضان ، وأهل شوال.. وأقبل الحج !}
 
لئن انقضى رمضان فلم تنقض العبادة ، فقد مضى رمضان ، وأهل شوال.. وأقبل الحج ! ، فلنكن إخوة الإسلام مع الصادقين ، وعلى سبيل الأولين ، لنقتدي بهم ، ونعمل على  صراطهم المستقيم ، قولاً وعملا ، علماً وعبادة ، ومعاملة وسلوكا ، لا سيما في الأزمان الشريفة ، كرمضان ، والأشهر الحرم ، وأشهر الحج ، والأماكن المعظمة ، كالبلد الحرام ، والبيت الحرام ، والمدينة النبوية ، وبيت المقدس ، ونحوها من البقاع ، فعلينا بالتقوى والصدق ، والاستعداد للطاعة بالطاعة ، والاستعداد للآخرة بالعبادة ، والاستعداد للعبادة بالمعاملة ، والاستعداد للمعاملة بالأدب ، واكتساب الأدب بالصبر ، واكتساب الصبر بأسبابه ، وما يعين عليه ، ومنها لزوم الوالدين ، وتوقير الكبير فالكبير ، من الأقربين ، ومرافقة الصالحين ، الأصلح فالأصلح ، وإياك من ضد ذلك كله فهو الهلاك !، قال سبحانه في سورة التوبة :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} ، فتقوى الله مقصود العابدين ، فمن كان مع الصادقين كان من أهل الصدق ، وأهل الصدق هم أهل البر ، وأهل البر هم أهل الجنة ، فعن عبد الله ابن مسعود - رضي الله عنه - قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " إن لصدق يهدي إلي البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب [عند الله] صديقا ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا " ، أخرجه البخاري ومسلم .
عباد الله أيها المؤمنون : 
مضى رمضان ، وأقبل شوال والمخلصون لله ماضون في عملهم الصالحات ، في كل الأوقات وعلى كل الحالات ، لربهم أَخْبَتُوا وتَرَهَّبُوا ، وللعبادة شمروا وتأهبوا ، صاموا وقاموا إيماناً بالله ، واحتسابا للثواب من الله ، يفرون إليه سبحانه من جهنم وسوء دركاتها ، ويرغبون مقعد الصدق في الجنة وحسن درجاتها ، فيا بشراكم أيها الصادقون  ، تتعبدون وتجتهدون في رمضان ، ولكنكم تواصلون بعد رمضان وقبله ، من طاعة إلى طاعة ، فالعابدون ، شعارهم الصلاة والصلات ، والصدقات والصيام ، وتلاوة القرآن والذكر ، والاستغفار والدعاء ، والأعمال الصالحات ، فلا تدعو أيها المسلمون الصيام والقيام بعد رمضان ، فقد أقبل شوال ومن الفضائل فيه صيام ست من شوال فعن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : " من صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر". أخرجه مسلم ، والترمذي ، ومما يعين على القيام والصيام ما نقله الإمام المقريزي في مختصره لـ قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر للإمام محمد بن نصر ، وفيه : [ ..عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  "  اسْتَعِينُوا بِقَائِلَةِ النَّهَارِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ وَبِأَكْلَةِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ " ، وَمَرَّ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْمٍ فِي السُّوقِ فَرَأَى مِنْهُمْ مَارًّا فَقَالَ: أَمَا يَقِيلُ هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ:  " إِنِّي لَأَرَى لَيْلَهُمْ لَيْلَ سُوءٍ " ، وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ قَالَ: " الْقَائِلَةُ مِنْ عَمِلَ أَهْلِ الْخَيْرِ ، وَهِيَ مَجَمَّةٌ لِلْفُؤَادِ مِقْوَاةٌ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ " ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: بَلَغَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عَامِلًا لَهُ لَا يَقِيلُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ : فَقِلْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَقِيلُ " ، وَعَنْ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: " نَوْمُ أَوَّلِ النَّهَارِ حُمْقٌ، وَوَسَطِهِ خُلُقٌ، وَآخِرِهِ خُرْقٌ " ] اهـ . 
عباد الله : 
أقبلوا على الله تقبلون ، فلنقبل على الله وذلك بالإقبال على عباده ، ولنصلح ذات بيننا ، ولنجمع كلمتنا ، ولنوحد صفنا ، طائعين لله ولنرفع أكف الضراعة بالابتهال ، اللهم فرج عنا الكروب يا علام الغيوب ، وارفع عظيم البلايا بجليل العطايا ، اللهم و اغفر لنا الذنوب والعيوب والآثام و الخطايا ، وأدخلنا الجنة دار السلام ، أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام .
الخطبة الثانية
الحمد لله على ما هدى وكفى ووقى ، فله سبحانه الفضل والمنة في الآخرة والأولى، والصلاة والسلام على محمد النبي المرتضى ، ما ذكر الله الذاكرون ، وشكره سبحانه الشاكرون ، وعلى آله الأصفياء ، وأصحابه الأتقياء ، ومن اتبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنه وكرمه اللهم آمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله .أما بعد ، أيها المسلمون : 
مضى رمضان ، وأقبل شوال والحج معه ، فالحج أسهر معلومات ، وهي شوال ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، فريضة الله على من استطاع إليه سبيلا ، فالحج عبادةٌ لها رونقها بعبيرها ، وطاعةٌ لها شذاها بحبيرها ، وللحجاج والعمار العابدين والطائعين مالهم من البهاء والإشراق ، فيا سروركم أيها الحجاج إلى بيت الله ، أنتم وفد الله وضيوفه ، قصدتم بيته المحرم ، تطوفون وتصلون وتشربون من الماء الطهور زمزم ، وتستلمون الحجر الأسود يمين في الله في أرضه ، وهو يشهد لمن استلمه بحق ، ذلك أن الله وضع البيت مباركاً لعبادته وتوحيده ، وقد قال الله تعالى: { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ . فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيم وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97) } (آل عمران: 96 ، 97  ) ، يا عباد الله فشمروا عن ساق الجد والاجتهاد ، ففي الأوسط للطبراني من طريق عبد الرزاق واللفظ له بسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( يقول الرب تبارك وتعالى إن عبدا وسعت عليه الرزق فلم يفد إلي في كل أربعة أعوام لمحروم ) اهـ .
عباد الله أيها المسلمون :
فلنتق الله ، ولنتعاون على البر والأخلاق الفضيلة ، ولبتعد عن الشر والأخلاق الرذيلة .. ألا وصلوا وسلموا على خير الخليقة ، وأزكاها عند الله على الحقيقة ، فقد أمركم الله به اتباعاً لهديه فقال : {إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}الأحزاب 56 .. اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد ، وآله المطهرين ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي – وسائر الصحابة أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين .اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء ، وسوء القضاء وشماتة الأعداء ، وعضال الداء وخيبة الرجاء ، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك ، وجميع سخطك ،اللهم اجعل رزقنا رغدا ، ولا تشمت بنا أحدا ، اللهم اشف مرضانا ، وفك أسرانا ، وارحم موتانا ، وانصرنا على من عادانا برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى ، وخذ بناصيته للبر والتقوى ، اللهم واهد جميع ولاة أمور المسلمين لما فيه خير البلاد والعباد ، ربنا آتنا في الدنيا حسنةً ، وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار ، اللهم احفظ المسجد الأقصى وأهله ومن حوله من براثن الصهاينة المعتدين المحتلين ، واجعله شامخا عزيزا إلى يوم الدين ، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، واغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولأعمامنا والعمات ، ولأخوالنا والخالات ، وأبنائنا والبنات ، وإخواننا والأخوات ، وأقربائنا والقريبات ، وجيراننا والجارات ، ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات،سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك،عباد الله .. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ،  ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

أنا العبد الفقير إلى الله الغني به عما سواه أبو عبد الله ياسين بن خالد بن أحمد الأسطل مواليد محافظة خان يونس في بلدة القرارة بعد عصر الأحد في 8ربيع الأول 1379 هجرية الموافق 21\9\1959 إفرنجية....

مــا رأيـك بـالـموقـع