الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، خلق بعلم وقدر ، فأحكم سبحانه ما خلق بما هدى وأمر ، وفضل المكرمين بإيمانهم فأعلاهم درجات ، وأهان المجرمين بكفرانهم أسفل الدركات ، سبحانه وفق أهل كرامته فأقبلوا ، وخذل أهل عصيانه فأدبروا ، هو العليم بخلقه الحكيم يدبرهم بعزة واقتدار ، اللطيف لما يشاء لمن يختص من عباده برحمته ويختار.. الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ..
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله .{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102 ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } النساء1 ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً(71)} الأحزاب .أما بعد ،فان أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار،وبعد ، عباد الله أيها المسلمون :
{ الأضحى عيدنا الأكبر}
أعياد الإسلام أيام عظيمة ، نكبر الله فيها ونعظمه - شكراً له سبحانه-كالجمعة والفطر ، لكنَّ عيد الأضحى هو الأكبر ، اجتمعت فيه الشعائر والمشاعر في زمانها ومكانها ، فتوحدت الأمة في مشارق الأرض ومغاربها ، إنه توحيد الله وذكره وتكبيره بالحج و الصلاة والأضاحي ، فهو يوم عظيم ، وهو عند الله ثم عند المؤمنين كريم ، يوم الحج الأكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، فسبحان الله العليم الحكيم ، يختص من يشاء وما يشاء من خلقه بما ومن يشاء ، فهو تعالى جدُّه اللطيف لما يشاء ، وفق ما أمر الله فأبرم ، ونهى فأحكم ، ألا له الخلق والأمر ، جعل الكعبة البيت الحرام في مكة البلد الحرام ، بواد غير ذي زرع ، فجرى بالماء زمزم ، وتوطن الجمع العرمرم ، وأسكنها إبراهيم من ذريته صلى الله عليه وسلم ، ودعا الله لها ولأهلها ، ورفع وابنُه بالبناء الكعبة بيت الله الأعظم ، فجعله الله للناس قبلة ومحجا ، وبركة وطهرا ، وعبادة وذكرا ، ومن دخله كان آمنا ، يأتيه الحجيج من كل مكان ، يجبى إليهم ثمرات كل شيء ، الله أكبر ، إيماناً وأمنا ، وبراً ومهابة وحبا ، تهوي إليه الأفئدة ، من كل الفجاج والأصعدة ، يبذلون الغالي والرخيص ، والنفس والنفيس ، بالابتهال والتقديس ، والتسبيح والتحميد والتهليل ، فالله أهل ذلك سبحانه المولى العظيم الجليل ، شرع لنا مناسك الحج إلى بيته الحرام ، في البلد الحرام ، وفي الزمن الحرام ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ..
أيها المؤمنون :
شعيرة الأضحية منذ أن أرى الله خليله إبراهيم عليه السلام الرؤيا في المنام أنه يذبح إسماعيل ، فصدقها وولده إسماعيل عليهما الصلاة والسلام ، لكن الله فداه بذبح عظيم ، قال الله تعالى في سورة الصفات : {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) } ، وبقيت فينا الأضحية سُّنةً ماضية ، فشرع الله لنا عيد الأضحى ، نصلي فيه صلاة العيد ، ثم تهراق فيه دماء الأضاحي خالصة لوجه الله ، قال سبحانه : في سورة الكوثر : { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) } ، ألا يا عباد الله ، فاعملوا لله مخلصين على الصراط المستقيم ، كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، على ما عليه السلف الصالحون والخلف المتبعون ، فسددوا وقاربوا ، دون غلو ولا تقصير ، بل أمةً وسطا ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، ولقد مضت السنة بالتضحية في هذا اليوم بما تيسر من بهيمة الأنعام ، الإبل والبقر والغنم ، جاء في جامع الأصول عن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- أن رجلا سَألَ ابنَ عمر عن الأُضْحِيةِ : أوَاجبةُ هي ؟ فقال : " ضَحى رسولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون ، فَأعَادَها عليه ، فقال : أتَعقِل ؟ ضَحَّى رسولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون ". أخرجه الترمذي. وأن تكون الأضحية مسنة ، أي بلغت السن ، لقوله صلى الله عليه وسلّم: " لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن". رواه مسلم. والمسن هو الثني من البقر وهو ما أكمل سنتين وشرع في الثالثة ، ومن الإبل ما أكمل خمس سنين ، وشرع في السة ومن المعز ما شرع في الثانية ، إلا الضأن فيجزئ الجذع ، وهو ما أكمل ستة أشهر . فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قسم بين أصحابه ضحايا فصارت لعقبة جذعة فقال: يا رسول الله صارت لي جذعة فقال: " ضح بها " رواه البخاري ومسلم.
وفي بيان ما لا يجزئ التضحية به ما روى أبو داود وابن حبان عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ قَالَ سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ مَا لاَ يَجُوزُ فِى الأَضَاحِى فَقَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصَابِعِى أَقْصَرُ مِنْ أَصَابِعِهِ وَأَنَامِلِى أَقْصَرُ مِنْ أَنَامِلِهِ فَقَالَ :" أَرْبَعٌ لاَ تَجُوزُ فِى الأَضَاحِى الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا وَالْكَسِيرُ الَّتِى لاَ تَنْقَى " . قَالَ قُلْتُ فَإِنِّى أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِى السِّنِّ نَقْصٌ. قَالَ " مَا كَرِهْتَ فَدَعْهُ وَلاَ تُحَرِّمْهُ عَلَى أَحَدٍ ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ لَيْسَ لَهَا مُخٌّ.الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .
الخطبة الثانية
الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، الحمد لله حمد الشاكرين ، والصلاة والسلام على محمد خاتم النبيين ، وعلى آله الأصفياء الصديقين ، وأصحابه الأتقياء المحسنين ، ومن اتبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم اللهم آمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله .أما بعد ، أيها المسلمون ، ياعباد الله :
أحسنوا اختيار ضحاياكم ، وطيبوا بها نفساً ، وأخلصوا بها عملاً ، وكلوا منها ، وأطعموا البائس الفقير ، ألا وإن الأضحية المقبولة عند الله ما توفرت فيها السلامة من العيوب ، وأريد بها القربان وليس اللحمان ، وذبحت بعد الصلاة ، قال الإمام ابن كثير : (فأخلص لربك صلاتك المكتوبة والنافلة ونَحْرَك، فاعبده وحده لا شريك له، وانحر على اسمه وحده لا شريك له. كما قال تعالى: { قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } [الأنعام: 162 ، 163] ).وقال رحمه الله : ( ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العيد ثم ينحر نسكه ويقول: "من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك. ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له". فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله، إني نَسكتُ شاتي قبل الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم يشتهى فيه اللحم. قال: "شاتك شاة لحم". قال: فإن عندي عناقا هي أحب إليَّ من شاتين، أفتجزئ عني؟ قال: "تجزئك، ولا تجزئ أحدا بعدك " ، وجاء في سنن النسائي رحمه الله عن البراء بن عازب قال : سمعت رسول الله يقول : " إن أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نُصَلِّي ثم نرجع فنَنْحَر ، فمن فعل هذا فقد أصاب سنتنا ، ومن نحر قبل أن نُصَلِّي فإنما هو لحم قدَّمه لأهله ليس من النسك في شيء " . والسنة في كيفية التضحية: أخرج البخاري عن أَنَسٍ، قَالَ: ( ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا ) . والذبح كذلك للبقر ، وأما الإبل فتنحر ، قال جل وعلا في سورة الحج : { وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) } ولذلك جرت سنة المسلمين في الأضاحي أن تكون على ثلاثة أقسام : أن يأكلوا منها ، وأن يهدوا لأرحامهم ، وأن يتصدقوا على الفقراء والمساكين وهؤلاء المتعرضين للسؤال ، وما شرع الله ذلك إلا لإقامة شعائره جل وعلا من ناحية ؛ ولنؤتي الحق في هذه الأضاحي أهله ، لنكون بذلك من المتقين ، فهو الغني سبحانه ، ونحن الفقراء ،قال تعالى في سورة الحج: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)} ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ..هداني وإياكم إخوة الإسلام بالقرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآي والذكر الحكيم..ألا وصلوا على البشير النذير والهادي البدر المنير ، سيد الأولين والآخرين محمدٍ عليه الصلاة والسلام ،.اللهم صل وسلم ، وبارك وأنعم ،على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم يا أرحم الراحمين ، اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوما ، ولا تجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروما ، واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوما ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم أغننا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم أعزنا ولا تذلنا ، اللهم ارفعنا ولا تضعنا ، اللهم أغننا ولا تفقرنا ، اللهم انصرنا ولا تنصر علينا ، اللهم خذل لنا ولا تخذلنا ، اللهم ربنا يا الله إنا نسألك مما سألك منه نبيك محمدٌ صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحون ،ونستعيذك مما استعاذك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحون ، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا ، وأبنائنا وبناتنا ، وأجدادنا وجداتنا ، وأعمامنا وعماتنا ، وأخوالنا وخالاتنا ، وبني عمنا ، وبني خالنا ، وأقربائنا وقريباتنا ، وجيراننا وجاراتنا، والمسلمين والمسلمات ، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك ، ولا تجعلها فيمن نابذك وعصاك ، اللهم احفظ ولي أمرنا وإخوانه ولاة أمور المسلمين بحفظك ، اللهم ارحمهم واغفر لهم ، اللهم انصرهم وارزقهم ، وأعزهم برحمتك ، يا أرحم الراحمين ، اللهم ربنا وفقنا لما تحب وترضى ، اللهم ربنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجعل لنا خير الآخرة والأولى ،برحمتك يا أرحم الراحمين ، وصل اللهم وسلم وبارك وأنعم على نبيك محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.