2019/10/04 {أخي المسلم أمن خير الناس أنت ؟!}
الاســتمـاع للــخـطبـة:     
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }  النساء1 ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً(71)  }الأحزاب .أما بعدُ، فإن أصدق الحديث كتابُ اللهِ، وخيرَ الهَدْيِ هَدْيُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشرَّ الأمورِ مُحْدَثَاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار، وبعد ، عباد الله :  
 
{أخي المسلم أمن خير الناس أنت ؟!}
 
 نعم ..نسأل أنفسنا ، لنتعلم ، ولنتفقه ، ولنعمل ، فلا خير في علم لا ينفع ، فلا يعمل به صاحبه مخلصا ، بل هو حجة عليه ، نسأل من هم خير الناس ؟ ، ومن هم شر الناس ؟ والقرآن يجيبنا بأن شر الناس بل شر البرية كلها هم الذين كفروا وأشركوا بالله ، وأن خير الناس بل خير البرية كلها هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فيقول الله تعالى في سورة البينة : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) } ، ويبين الله تعالى صفاتهم ، فهم الأبرار ، بروا في أنفسهم خالصين لله ، وبروا عباد الله فأحسنوا معاملتهم ، مع الوالدين فمن دونهم ، وحتى مع الخلائق كلها ، فهم عباد الله وحده لا شريك لك ، لا يؤمنون إلا به جل وعلا ، يوفون بالنذر ، ويخافون يوم الحساب ، فيطعمون الطعام مع محبتهم وشدة حاجتهم له ، فيطعمون لوجه الله المسكين واليتيم والأسير ، لا يبتغون الجزاء من أحد ولا حتى الشكر ، يذكرهم الله ويعلى جزاءهم ، فيقول في سورة الإنسان : {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22)}. 
هذا في الوقت الذي كانوا يعانون الفقر الشديد ، والضيق في المعيشة ، فكانوا أهل الصفة يلزمون المسجد ، لا أهل لهم ولا مال ، ولا حتى بيت يسكنون فيه ، وفي الصحيح من أفراد البخاري عن أبي هريرة يحكي حال الناس وما كان من جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ( إن الناس كانوا يقولون أكثر أبو هريرة وإني كنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم لشبع بطني حين لا آكل الخمير ولا ألبس الحرير ولا يخدمني فلانٌ ولا فلانة وكنت ألصق بطني بالحصباء من الجوع وإني كنت أستقرئ الرجل الآية هي معي كي ينقلب بي فيطعمني وكان خير الناس للمسكين جعفر بن أبي طالب كان ينقلب معنا فيطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان ليخرج إلينا العكة التي ليس فيها شيءٌ فيشقها فنلعق ما فيها ) .
عباد الله : 
فلنتق الله سبحانه ، ولنحذر أشد الحذر من مسلك الضلالة وأهلها ، ولنسلك سبيل السلف الصالحين كالشمس في رابعة النهار ، هدى ورحمة ، وصلة وبرا ، وعطاءً وسعة ، ألا فلننهج نهجهم ، ولنقفو أثرهم ، نسعد في الأولى والآخرة ، ولنضرع إلى الله اللهم فارحمنا برحمتك ، وارفعنا برفعتك ، وأغننا بغناك ، وقَوِّنا بقوتك ، وخذ بأيدينا إلى الهداية والرشاد ، ونجنا من الغِواية والفساد ، أنت سبحانك السميع العليم ، البر الرحيم أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين ، إنه سبحانه الغفور الرحيم.
 
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كافياً وافياً بكلِّ لسان ، يكافي بالشكر ما أكرم وأنعم ، ويوافي بالذكر ما أسبغ وأتمم ، والصلاة والسلام سرمداً أبدا على محمدٍ النبي الخاتم ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله ، أما بعد ، أيها المسلمون : 
 خير الناس هم الذين يقول تعالى فيهم :{ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ(2)  إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ(3)  } روى البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "  الذي يعاشر الناس و يصبر الناس و يصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يعاشر الناس و لا يصبر على أذاهم " ، فيا أيها المسلم كن من أهل اليقين والصبر ، فلا تحزن على ما فات ، ولا تفرح بما هو آت ، فإن الدنيا زائلة مدبرة ، والآخرة لائحة مقبلة ، وما كان لله فهو أبقى ، فلترحم يا أخي ولتتراحم وفي الحديث عَنْ أَبِى قَابُوسٍ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : " الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِى الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِى السَّمَاءِ " .
عباد الله  :
خير الناس اليوم من سلم الناس منهم ، يا أيها المسلمون من سلم الناس وسلمت دماؤهم وأموالهم ، من ألسنتهم وأيديهم ، جاء فيما أخرجه البخاري في الصحيح و عنه البيهقي في سننه واللفظ له عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه فيما يرويه عنه المنهال قال : 
( لما كان زمن أخرج ابن زياد وثب مروان بالشام حيث وثب ووثب ابن الزبير بمكة ووثب الذين كانوا يدعون القراء بالبصرة قال غم أبى غما شديدا فقال : انطلق لا أبا لك إلى هذا الرجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أبى برزة الأسلمى ، قال فانطلقت معه حتى دخلنا عليه فى داره فإذا هو قاعد فى ظل علو له من قصب فى يوم حار شديد الحر فجلسنا إليه فأنشأ أبى يستطعمه قال : يا أبا برزة ألا ترى ألا ترى قال فكان أول شىء تكلم به أن قال إنى أحتسب عند الله أنى أصبحت ساخطا على أحياء قريش إنكم معشر العريب كنتم على الحال التى قد علمتم فى جاهليتكم من القلة والذلة والضلالة وإن الله عز وجل نعشكم بالإسلام وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- حتى بلغ بكم ما ترون وإن هذه الدنيا التى أفسدت بينكم إن ذاك الذى بالشام يعنى مروان والله ما يقاتل إلا على الدنيا وإن ذاك الذى بمكة والله إن يقاتل إلا على الدنيا وإن الذين حولكم الذين تدعونهم قراءكم والله إن يقاتلون إلا على الدنيا قال فلما لم يدع أحدا قال له أبى فما تأمرنا إذا قال إنى لا أرى خير الناس اليوم إلا عصابة ملبدة وقال بيده خماص البطون من أموال الناس خفاف الظهور من دمائهم ) اهـ .
عباد الله:
ألا وصلوا وسلموا على خير الخليقة ، وأزكاها عند الله على الحقيقة ، فقد أمركم الله به اتباعاً لهديه فقال :  {إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}الأحزاب 56 .... اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - وعن سائر الصحابة أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين .اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء ، وسوء القضاء وشماتة الأعداء ، وعضال الداء وخيبة الرجاء ، اللهم اجعل رزقنا رغدا ، ولا تشمت بنا أحدا ، اللهم اشف مرضانا ، وفك أسرانا ، وارحم موتانا ، وانصرنا على من عادانا برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى ، وخذ بناصيته للبر والتقوى ، وجميع ولاة أمور المسلمين ، لما فيه إقامة دينك ، وتحكيم شريعتك ، وإتباع سنة نبيك محمد  صلى الله عليه وسلم لما فيه صلاح الدنيا والدين ، والبلاد والعباد ، ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار ،اللهم إنا نسألك أن تنصر الداعين إلى سبيلك على البصيرة ، اللهم احفظ المسجد الأقصى وأهله ومن حوله من براثن الصهاينة المعتدين المحتلين واجعله شامخا عزيزا إلى يوم الدين ، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، اللهم اغفر لنا وآبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا وأعمامنا وعماتنا ، وأخوالنا وخالاتنا ، وأبنائنا والبنات ، وإخواننا والأخوات ، وأقربائنا والقريبات ، وجيراننا والجارات ، ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات ، سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك ، عباد الله .. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ،   ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .

أنا العبد الفقير إلى الله الغني به عما سواه أبو عبد الله ياسين بن خالد بن أحمد الأسطل مواليد محافظة خان يونس في بلدة القرارة بعد عصر الأحد في 8ربيع الأول 1379 هجرية الموافق 21\9\1959 إفرنجية....

مــا رأيـك بـالـموقـع