2018/11/23 {تواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة}
الاســتمـاع للــخـطبـة:     
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }  النساء1 ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)} الأحزاب . أما بعد،فان أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وبعد ،عباد الله ، يا أيها المسلمون:
 
{تواصوا  بالصبر وتواصوا بالمرحمة}
 
المؤمنون هم أهل الصبر ، وهم أهل الرحمة ، ولذلك فهم الذين وصقهم الله بأنهم تواصوا  بالصبر وتواصوا بالمرحمة ، فارحموا أنفسكم ، يرحمكم الله .. وفي الحديث عند الإمام أحمد وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء ، والرحم شجنة من الرحمن ، من وصلها وصلته ، ومن قطعها بتته " .. فالرحمة عملٌ صالح ، ولا أجد مثل هذه الآية في الترغيب في صالح العمل ، قال سبحانه : {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ }فصلت46 ، وقوله تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ }الجاثية15. فارحموا عباد الله أنفسكم ، ورحمة النفس غيرك من ذوي قرابتك ، أو الجيران ، أو الصُّحبان والخِلَّان وعامة الناس وكذلك الدواب والطير ممن استحق الرحمة ، وتشمل الرحمة بالمباشرة كما تشمل الرحمة بالأعمال المسببة والمحصلة ، ومن رحمة العبد نفسه أن يكلفها طاقتها وما تستطيع ، وعلى المرء أن يعرف قدر نفسه وقدرتها ، يقول جل وعلا : {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }البقرة286 ، وهو سبحانه وتعالى يقول : {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}القيامة14، فأنت يا أخي أعلم بنفسك ، وأبصر بحالها ، وكما قال الحسن البصري رحمه الله : ( نفوسكم مطاياكم ؛ فأصلحوا مطاياكم تُبَلِّغْكم إلى ربكم عز وجل ) اهـ . فيا عبد الله : إياك لا تُحَمِّلْها مالم وما لا تحتمل ، فإنك إن فعلت ذلك تكون قد أشقيتها بأن شققت عليها وما رحمتها ، ويحصل لك ما تكره ولا تحب:
*  فقد أضعت أولاً عملك فلم يتم ولن يتم ، وأهلكت نفسك ،وهذا ما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظَهْرَاً أبقى ،قال الإمام ابن رجب رحمه الله : " .. وقد جاء في رواية عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعا : " إن هذا الدين متين ، فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة الله ؛ فإن المنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى " والمنبت : هو المنقطع في سفره قبل وصوله ، فلا سفره قطع ، ولا ظهره الذي يسير عليه أبقى حتى يمكنه السير عليه بعد ذلك ؛ بل هو كالمنقطع في المفاوز ، فهو إلى الهلاك أقرب ، ولو أنه رفق براحلته واقتصد في سيره عليها لقطعت به سفره وبلغ إلى المنزل " اهـ .
* وأنت بهذا ثانياً قد أذللت نفسك بين الناس ، والإسلام لا يريد للمرء إذلال نفسه ولا تعذيبها ، وإنما يريد منا ترويض النفوس وتهذيبها ،  قال جل شأنه : {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا }الشمس9 ، وفي الحديث عند أحمد والترمذي وابن ماجة عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه قالوا وكيف يذل نفسه قال يتعرض من البلاء لما لا يطيق "وذكره الألباني في الصحيحة . وفي رواية لابن عبد البر في التمهيد : عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يحل لمؤمن أن يذل نفسه".قالوا يا رسول الله وما إذلاله لنفسه قال : " يتعرض من البلاء لما لا يقوم له " .اهـ.
* وثالثاً يا أخي قد بغضت العبادة إلى نفسك والناس ، وقد تقدم حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعا : " إن هذا الدين متين ، فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة الله ؛ فإن المنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى ".
عباد الله ، يا أيها المسلمون ارحموا أنفسكم في عبادتكم يرحمكم الله ، ومن الرحمة في العبادة اتباع السنة ، واحتناب البدعة : 
* فيا أيها المتعبد القصد القصد ، وإياك والتعمق والتنطع ، والتشدد على نفسك ، والتشديد على من سواك : 
# ففي الصلاة روى الشيخان البخاري ومسلم عن أنس - رضي الله عنه - ، قَالَ : دَخَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المَسْجِدَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ ، فَقَالَ : (( مَا هَذَا الحَبْلُ ؟ )) قالُوا : هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ بِهِ . فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : (( حُلُّوهُ ، لِيُصلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَرْقُدْ )) .وعن عائشة رضي الله عنها : أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّومُ ، فإِنَّ أحدكم إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . 
ويا أيها الإمام : عليك الرفق بالمأمومين ، والرحمة بالمصلين فعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - : أنّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( إِذَا صَلَّى أحَدُكُمْ للنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ ، فَإن فيهِم الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبيرَ ، وَإِذَا صَلَّى أحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّل مَا شَاءَ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
ويا أيها الخطيب :  إياك أن تشق على الناس لا بتطويل ولا بتشقيق ، فعن أَبي عبد الله جابر بن سمرة رضي الله عنه ، قَالَ : كُنْتُ أصَلِّي مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلَوَاتِ ، فَكَانتْ صَلاتُهُ قَصْداً وَخُطْبَتُهُ قَصْداً . رواه مسلم .
 ويا أخي الخطيب كن على السبيل والسنة في خطبتك ترغيباً وترهيباً فهي أمانة في رقبتك ، ودعك من بدع الخطباء المفتونين بالأهواء والشبهات الطعانين على الأمراء والعلماء ، وليكن وعظك قطر الغيث تهتز له الأرض ، وإياك والتنفير ، فيكون وعظك كالحجارة يقذف بها الناس ، فعن عبد الله بن بسر اليحصبي قال : سمعت أبا أمامة الباهلي رضي الله عنه يقول : ( حببوا الله إلى الناس يحببكم الله ).رواه الطبراني والضياء .
فرحمة الله واسعة ، وهي قريبٌ من المحسنين ، يتوب الله على من تاب ، ويجتبي إليه من أناب ، # ولا تكلف نفسك أيها الحاج فوق طوقها : روى البخاري ومسلم والترمذي وأبو داوود والنسائي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- «رأى شيخاً يُهَادى بين ابنَيْهِ ، فقال : ما بال هذا ؟ قالوا : نذرَ أن يمشيَ ، قال : إن الله عن تعذيب هذا نفسَهُ لَغنيٌّ ، وأمره أن يركب» .
وعن كريب عن ابن عباس قال: «جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إن أختي نذرت أن تحج ماشية، فقال: إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا لتخرج راكبة، ولتكفر عن يمينها» رواه أحمد وأبو داود .
# ومن الرحمة في الصيام : عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال : «بينما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يخطبُ إذا هو برجل قائم ، فسأل عنه ؟ فقالوا : أبو إسرائيل نذر أن يقومَ في الشمس ولا يقعد ، ويصومَ ولا يفطرَ بنهار ، ولا يستظلَّ ولا يتكلم ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : مُروه فليستظلَّ ، وليقعدْ ، وليتكلَّمْ ، وليُتمَّ صومه» أخرجه البخاري وأبو داود .
أيها المسلمون ، يا عباد الله :
ارحموا أنفسكم في عباداتكم يرحمكم الله ، الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ، ما أكرم المتراحمين بالطاعات ، وما أبأس المتزاحمين على المعاصي والسيئات ، فالتراحم سبيل الصلة و الموادة ، والتزاحم سبيل التقاطع والمشاقة ، اللهم فارحمنا برحمتك ، وارفعنا برفعتك ، وأغننا بغناك ، وقَوِّنا بقوتك ، وخذ بأيدينا إلى الهداية والرشاد ، ونجنا من الغواية والفساد أنت سبحانك السميع العليم البر الرحيم أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين ،فاستغفروه وتوبوا إليه إنه سبحانه الغفور الرحيم ، اللهم أمين يارب العالمين .
الخطبة الثانية
الحمد لله سبحانه أرحم الراحمين ، والصلاة والسلام على نبيه محمد المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم بفضله رب كل شيء ورب السماوات والأرضين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله .أما بعد ، إخوة الإسلام يا عباد الله : 
وأما النوع الثاني من رحمة أنفسنا ، الرحمة في المعاملة : 
# رحمة الأمير الرعية : * وعن شداد بن أوس وهو أخو حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنهما وهو افتتح إيلياء لمعاوية بن أبى سفيان رضي الله عنهما وهو يراجع معاوية رحمه الله يذكر الإمارة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الإمارة فقال: " 
أولها ملامة وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من رحم وعدل وقال هكذا وهكذا بيده بالمال ثم سكت ما شاء الله ثم قال كيف بالعدل مع ذى القربى " رواه الطبراني .
وروى الإمام مسلم عن عبد الرحمنِ بْنِ شِمَاسَةَ قَالَ : ( أَتيتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ شَيْءٍ فَقَالَتْ :ِممَّنْ أَنْتَ فَقُلْتُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَقَالَتْ كَيْفَ كَانَ صَاحِبُكُمْ لَكُمْ فِي غَزَاتِكُمْ هَذِهِ فَقَالَ:مَا نَقَمْنَا مِنْهُ شَيْئًا إِنْ كَانَ لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا الْبَعِيرُ فَيُعْطِيهِ الْبَعِيرَ وَالْعَبْدُ فَيُعْطِيهِ الْعَبْدَ وَيَحْتَاجُ إِلَى النَّفَقَةِ فَيُعْطِيهِ النَّفَقَةَ فَقَالَتْ أَمَا إِنَّهُ لَا يَمْنَعُنِي الَّذِي فَعَلَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخِي أَنْ أُخْبِرَكَ مَاسَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا "  اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ " اهـ .
# وليرحم الكبير الصغير ، وليوقر الصغير الكبير :  فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : " جَاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَأَبْطَأَ الْقَوْمُ عَنْهُ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا ، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا " رواه أحمد والترمذي .
# وليلاطف الآباء أبناءهم وصبيانهم : فعن عائشة رضي الله عنها ، قَالَتْ : قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الأعْرَابِ عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : أتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ ؟ فَقَالَ : (( نَعَمْ )) قالوا : لَكِنَّا والله مَا نُقَبِّلُ! فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أَوَ أَمْلِك إنْ كَانَ اللهُ نَزَعَ مِنْ قُلُوبِكُم الرَّحْمَةَ ! )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
# ولنرحم الناس جميعاً من نعرف ومن لا نعرف : فعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مَنْ لاَ يَرْحَم النَّاسَ لاَ يَرْحَمْهُ الله )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
# ولنرحم البهائم والدواب والطير ولانعذبها :
 ففي رحمة الشاة : عن قرة بن إلياس أن رجلاً قال : ( يا رسول الله : إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها ؟ ) ..فقال : " والشاة إن رحمتها رحمك الله ، والشاة إن رحمتها رحمك الله " رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والصغير .
وفي أمر الطير : عن أبي مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : كنَّا مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ ، فانْطَلَقَ لحَاجَتِهِ ، فَرَأيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ ، فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا ، فَجَاءتِ الحُمَّرَةُ فَجَعَلَتْ تَعْرِشُ فَجَاءَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : (( مَنْ فَجَعَ هذِهِ بِوَلَدِهَا ؟ ، رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْها )) . ورأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا ، فَقَالَ : (( مَنْ حَرَّقَ هذِهِ ؟ )) قُلْنَا : نَحْنُ قَالَ : (( إنَّهُ لا يَنْبَغِي أنْ يُعَذِّبَ بالنَّارِ إِلاَّ رَبُّ النَّارِ )) . رواه أَبُو داود .
 إخوة الإسلام يا أيها المؤمنون : 
وفي الهرة مسجونة بلا طعام ولا شراب حتى الموت:عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ :(( عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتْها حَتَّى مَاتَتْ ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ ، لاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا ، إذْ حَبَسَتْهَا ، وَلاَ هِيَ تَرَكَتْهَا تَأكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ )) . متفق عَلَيْهِ .
ورجل يسقي الكلب فيغفر الله له ، فيدخل الجنة : عن أبي صالح عن أبي هريرة - رضي الله عنه -أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بينما رجلٌ يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ، ثم خرج فإذا كلبٌ يلهث يأكل الثرى من العطش ،فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني ، فنزل البئر فملأ خفه ماءً ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب ، فشكر الله له فغفر له " ، قالوا يا رسول الله : وإن لنا في البهائم أجراً ؟ فقال : " في كل كبدٍ رطبة أجرٌ " .والجزاء يا عباد الله من جنس العمل ، ومن لم يرحم نفسه فمن أين له الرحمة ..؟!
 يا أهل فلسطين يا أصحاب هذه البلوى ، وهذا المصاب ، بل هذه الفاجعة الباخعة الباقعة ( الاختلاف والانقسام ): لامناص من عودة الوحدة للوطن وأهله ، أحب من أحب ، وكره من كره ، فالانقسام يأباه الإسلام والآلام ، والتاريخ والجغرافيا بل والعروبة والإنسانية ، أيها المسئولون أنتم ممتحنون بين يدي الله ، وموقوفون ومسئولون ، فماذا أنتم قائلون ؟!! .. هذا ضائع ، وذاك جائع، وذلك عاري ، لا مأوى ، ولا مخرج ، ولا مدخل ؟!! ..من للأم الثكلى ؟!.. ومن للطفل والطفلة اليتيمة واليتيم ؟!!..ومن للمرأة والرجل الأيِّم ؟!!..ولتتذكروا ولنتذكر جميعاً وقوفنا بين يدي الله تعالى وسؤاله إيانا عما نحن فيه ، لا حشم ، ولا خدم ، ولا مالاً ولا جنود ، يوم يفر المرء من أخيه ، وأمه وأبيه ، وصاحبته وبنيه ، لكل امرئ منهم يومئذٍ شأن يغنيه ، فماذا أنتم مجيبون ؟!!..
عباد الله : ألا فلتصلوا ولتسلموا على خير الخليقة ، وأزكاها عند الله على الحقيقة ، فقد أمركم الله به اتباعاً لهديه فقال :  {إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}الأحزاب 56 .. اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين ، الأئمة المهديين - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي – ، وعن آله المرضيين ،وسائر الصحابة أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك وجودك وإحسانك ياأرحم الراحمين.اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين .اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء ، وسوء القضاء وشماتة الأعداء ، وعضال الداء وخيبة الرجاء ، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك ، وجميع سخطك ،اللهم اجعل رزقنا رغدا ، ولا تشمت بنا أحدا ، اللهم اشف مرضانا ، وفك أسرانا ، وارحم موتانا ، وانصرنا على من عادانا برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى ، وخذ بناصيته للبر والتقوى ، ووفق جميع ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك وإتباع سنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار ،اللهم إنا نسألك أن تنصر الداعين إلى سبيلك على البصيرة ، اللهم احفظ المسجد الأقصى وأهله ومن حوله من براثن الصهاينة المعتدين المحتلين واجعله شامخا عزيزا إلى يوم الدين ، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، واغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولأعمامنا والعمات ، ولأخوالنا والخالات ، وأبنائنا والبنات ، وإخواننا والأخوات ، وأقربائنا والقريبات ، وجيراننا والجارات ، ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات،سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك.
عباد الله .. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ،   ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

أنا العبد الفقير إلى الله الغني به عما سواه أبو عبد الله ياسين بن خالد بن أحمد الأسطل مواليد محافظة خان يونس في بلدة القرارة بعد عصر الأحد في 8ربيع الأول 1379 هجرية الموافق 21\9\1959 إفرنجية....

مــا رأيـك بـالـموقـع