2019/09/13 {تحقيق التوحيد لله بإخلاص العبادة وإحسان المعاملة}
الاســتمـاع للــخـطبـة:     
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }  النساء1 ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً(71)  }الأحزاب .أما بعدُ، فإن أصدق الحديث كتابُ اللهِ، وخيرَ الهَدْيِ هَدْيُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشرَّ الأمورِ مُحْدَثَاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار، وبعد ، أيها المسلمون : 
 
{تحقيق التوحيد لله بإخلاص العبادة  وإحسان المعاملة}
 
حق الله على عباده منه الخالص له جل وعلا  ، وهو توحيده سبحانه وعدم الإشراك به ، لا في عبادته ولا في أسمائه ولا في صفاته ، لا قصداً ولا طلباً ، ولا علماً ولا خبرا ، فلا يراد بالعبادة من ذكر ودعاء وصلاة وصدقة وصوم وحج إلا وجهه جل وعلا ، ولا يراد بالعلم إلا ما خلص به العمل ،  فأسلم القلب لله ، فخضعت منه الجوارح والجوانح لربه سبحانه وتعالى دون شريك ، محبةً وخوفاً ، ورجاءً وتعلقاً ، واستعانة وتوكلاً ، وعطاءً ومنعاً ، وترجم ذلك كله اللسان ، فلا يقول إلا التي هي أحسن ، قال سبحانه في سورة الإسراء : { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (54) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57)  } ، وفي الحديث في الصحيحين واللفظ للبخاري عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: 
 " الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس؛ فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه؛ ألا وإن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب "  .
عباد الله أيها المؤمنون : 
هذا المعنى العظيم مرتبط به أيضاً الإحسان في المعاملة  ، وأحق الناس بذلك هم الوالدان ، ثم ذوو القربى ، كما قال تعالى في سورة النساء : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) } ،  وفي ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه، في الصحيحين واللفظ للبخاري قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! من أحق بحسن صحابتي؟ قال: " أمك " قال: ثم من؟ قال: " أمك " قال: ثم من؟ قال: " أمك " قال: ثم من؟ قال: " ثم أبوك " اهـ. 
 ومن الإحسان في المعاملة الإنفاق على من لك عليه نوع ولاية ، وله عليك حق الرعاية ، ففي سورة البقرة : {  يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)   }  ،  ومنه ما جاء عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : " دِينَارٌ أنْفَقْتَهُ في سَبيلِ اللهِ ، وَدِينار أنْفَقْتَهُ في رَقَبَةٍ ، وَدِينارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ ، وَدِينَارٌ أنْفَقْتَهُ عَلَى أهْلِكَ ، أعْظَمُهَا أجْراً الَّذِي أنْفَقْتَهُ عَلَى أهْلِكَ " رواه مسلم .
ومنه ما جاء عن أَبي عبد الله ، ويُقالُ لَهُ : أَبو عبد الرحمان ثَوبَان بن بُجْدُد مَوْلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - :" أفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفقُهُ الرَّجُلُ : دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ ، وَدينَارٌ يُنْفقُهُ عَلَى دَابَّتِهِ في سَبيلِ الله ، وَدِينارٌ يُنْفقُهُ عَلَى أصْحَابهِ في سَبيلِ اللهِ " رواه مسلم .
يا عباد الله : 
ديننا سمحٌ فلنتبع ، وربنا يدعونا فلنسمع ، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يبين لنا فلنَهْتَدْ ، والعلماء يذكروننا فلنَقْتَدْ، اللهم فاغفر ذنوبنا ، واستر عيوبنا ، وفرج كروبنا ، إنك سميع الدعاء يا غفور يا رحيم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه سبحانه الغفور الرحيم .
 
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كافياً وافياً بكلِّ لسان ، يكافي بالشكر ما أكرم وأنعم ، ويوافي بالذكر ما أسبغ وأتمم ، والصلاة والسلام على محمدٍ سرمداً أبدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله ، أما بعد ، أيها المسلمون : 
ومن حسن المعاملة مع الناس المرتبط بالإيمان ما جاء في وصية النبي صلى الله عليه وسلم الذي يخشي أن تدركه منيته ما روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتدركه منيته، وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، ويأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه ") اهـ .
ومنها من حسن المعاملة مناصحة ولاة الأمور ، ففي صحيح الإمام مسلم عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم؛ ويسخط لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال"  .
عباد الله:
ألا وصلوا على البشير النذير ، و البدر السراج المنير ، سيد الأولين والآخرين ، وقائد الغر المحجلين ، اللهم صل وسلم ، وبارك وأنعم ،على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم برحمتك ومنك وكرمك، يا أرحم الراحمين ، اللهم أعز الإسلام و المسلمين ، واحم حوزة الدين ، اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوما ، ولا تجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروما ، ربنا أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ، وبالتذلل إليك على العزة بك ، وعلى القرب منك بالقرب من ضعفاء عبادك ، وعلى السعي للآخرة بالزهد في الأولى ، اللهم ارزقنا حلاوة مناجاتك ، وأذقتا ربنا لذة عباداتك ، اللهم من أصبح بك مؤمناً فمن الإيمان زده ، وشارداً فإلى الصراط المستقيم أعده ، أو مبتلىً فعافه ، أو عليلاً فشافه ، أو طريداً فآوه ، أو سائلاً فأعطه ، أو فقيراً فأغنه ، أو مقلاً فأقنه ، إنك الجواد الرحمن الرحيم  ، اللهم أغننا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم إنا نسألك مما سألك منه نبيك محمدٌ صلى الله عليه وسلم  وعبادك الصالحون ، ونستعيذك مما استعاذك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحون ، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا ، وأجدادنا وجداتنا ، وأزواجنا وأبنائنا وبناتنا ، وأعمامنا وعماتنا ، وأخوالنا وخالاتنا ، وأقربائنا وقريباتنا ، وجيراننا وجاراتنا، وجميع المسلمين يارب العالمين ، اللهم ربنا وفقنا لما تحب وترضى ، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم احفظ ولي أمرنا بحفظك الأئمة المسلمين ، وارعه برعايتك أوليائك المتقين ، واشمله بنصرك وتأييدك السابقين الأولين ، اللهم وفقه وإخوانه ولاة أمر المسلمين وخذ بأيديهم لسياسة الدنيا وحراسة الدين ، وارزقهم البطانة الصالحة التي تأمرهم بالخير وتحثهم عليه ، وجنبهم البطانة السيئة التي تأمرهم بالشر وتحثهم عليه ، اللهم يا الله نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجعل لنا خير الآخرة والأولى ،برحمتك يا أرحم الر احمين ، وصل اللهم وسلم وبارك وأنعم على نبيك محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين .

أنا العبد الفقير إلى الله الغني به عما سواه أبو عبد الله ياسين بن خالد بن أحمد الأسطل مواليد محافظة خان يونس في بلدة القرارة بعد عصر الأحد في 8ربيع الأول 1379 هجرية الموافق 21\9\1959 إفرنجية....

مــا رأيـك بـالـموقـع