الحرم حرمان
وليس مسجد الخليل بالحرم !!
لا يسمى أي مكان حرماً إلا ما سماه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، ولا يوجد إلا مكانان هما حرمان ؛ وهما الحرم المكي أي مكة كلها مسجدها وما حوله بما فيها المناسك والمشاعر التي يقوم الحجاج فيها بأداء العبادة على ما هو معروفٌ عند أهل العلم ، وكذلك الحرم المدني ما بين لابتي المدينة أي الحرتين الشرقية والغربية ، وفي الحديث الذي يرويه البخاري وغيره - واللفظ له – بما اتصل سنده إلينا من طريق الشيخ الأجل عندي أبي عبد اللطيف حماد الأنصاري رحمه الله تعالى عن شيخه عبد الحق العمري المدرس بالمسجد الحرام وغيره إلى الصحيح، في كتاب البيوع قال البخاري رحمه الله :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بَاب مَا قِيلَ فِي الصَّوَّاغِ وَقَالَ طَاوُسٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَقَالَ الْعَبَّاسُ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ فَقَالَ إِلَّا الْإِذْخِرَ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَاأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي وَإِنَّمَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا يُلْتَقَطُ لُقْطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَّا الْإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَلِسُقُفِ بُيُوتِنَا فَقَالَ إِلَّا الْإِذْخِرَ.
فَقَالَ عِكْرِمَةُ هَلْ تَدْرِي مَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا هُوَ أَنْ تُنَحِّيَهُ مِنْ الظِّلِّ وَتَنْزِلَ مَكَانَهُ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ خَالِدٍ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا "
وبه إليه في البيوع بَاب بَرَكَةِ صَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدِّهِ قال البخاري :
حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا وَحَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ وَدَعَوْتُ لَهَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا مِثْلَ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام لِمَكَّةَ.
وبسندنا إلى الإمام الحافظ ابن حجر رحمه في الفتح عند شرحه على كتاب الحج من الصحيح ،باب لايعضد شجر الحرم ، أي لايقطع ، قال : ( ..الْمَعْنَى أَنَّ إِبْرَاهِيم حَرَّمَ مَكَّة بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى لَا بِاجْتِهَادِهِ ، أَوْ أَنَّ اللَّه قَضَى يَوْم خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَنَّ إِبْرَاهِيم سَيُحَرِّمُ مَكَّة ، أَوْ الْمَعْنَى أَنَّ إِبْرَاهِيم أَوَّل مَنْ أَظْهَرَ تَحْرِيمهَا بَيْن النَّاس ، وَكَانَتْ قَبْل ذَلِكَ عِنْد اللَّه حَرَامًا ، أَوْ أَوَّل مَنْ أَظْهَرَهُ بَعْد الطُّوفَان ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّه حَرَّمَ مَكَّة اِبْتِدَاء مِنْ غَيْر سَبَب يُنْسَب لِأَحَدٍ وَلَا لِأَحَدٍ فِيهِ مَدْخَل قَالَ : وَلِأَجْلِ هَذَا أَكَّدَ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ " وَلَمْ يُحَرِّمهَا النَّاس " وَالْمُرَاد بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُحَرِّمهَا النَّاس أَنَّ تَحْرِيمهَا ثَابِت بِالشَّرْعِ لَا مَدْخَل لِلْعَقْلِ فِيهِ ، أَوْ الْمُرَاد أَنَّهَا مِنْ مُحَرَّمَات اللَّه فَيَجِب اِمْتِثَال ذَلِكَ ، وَلَيْسَ مِنْ مُحَرَّمَات النَّاس يَعْنِي فِي الْجَاهِلِيَّة كَمَا حَرَّمُوا أَشْيَاء مِنْ عِنْد أَنْفُسهمْ فَلَا يَسُوغ الِاجْتِهَاد فِي تَرْكه . وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ حُرْمَتَهَا مُسْتَمِرَّة مِنْ أَوَّل الْخَلْق ، وَلَيْسَ مِمَّا اِخْتَصَّتْ بِهِ شَرِيعَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .
وبهذا يتضح المقام ، وينقطع الخصام ، والحمد لله ، وعلى نبينا وآله وصحبه الصلاة وخير السلام .
والله أعلم
وكتب الشيخ/ أبو عبد الله ياسين الأسطل
في خان يونس الاثنين 15/صفر /1428 هجرية-الموافق الأحد 4/مارس/2007 ميلادية