الجَرَّاحون 2011/03/09

الجَرَّاحون

 

من هم الجرَّاحُون ؟! . . وفي أيِّ جسدٍ يعملون ؟!! . .  ومن أين لهم آلاتُ ومباضعُ  الجراحة ؟. . إن الجَرَّاحين أولئك الذين يقومون على تمزيق هذا الجسد، وجَسَدُ مَنْ ؟ . . إنه جسد الأمة الإسلامية الواحدة الذين فيهم قال النبي صلى الله عليه وسلم{ مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد  إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى }رواه مسلم
 

 نعم إنه جسد هذه الأمة التي شبهها أعداؤها قبل حوالي مائة عام بالرجل المريض، وكان ينبغي أن يتدارك المسلمون بدوائهم أدواءهم، ويكيدوا  بمثل ما يُكادون أعداءَهم، ولكن الذي حدث غير ذلك، وقع الرجل المريض أرضاً وثار عليه أبناؤه أو أُثيروا عليه، وكانت الأماني المعسولة، والوعود الكاذبة، وعمل الجراحون عَمَلهم . . . . . !!

فمن هؤلاء من عمل في الجسد تمزيقاً وتشويهاً لتغيير الملامح الخارجية (الجغرافية) بدعوات الاستقلالات والوطنيات والقوميات. . إلخ فرسم على الجسد بدل العينين عيوناً، ومكان الأذنين آذاناً، ومحل الأنف أنوفاً، وبجوار اليدين الأيدي الكثيرة، وإلي الرجلين أرجلاً كأرجل الأخطبوط، حتى صارت الدولة المسلمة الواحدة دويلات متزاحمة لا متراحمة، ومتضادة لا متوادة .

 ومن هؤلاء الجراحين من يعمل في القلب، قلب الرجل المريض ليبث فيه ما يشاء ويزرع فيه ما يشاء من الأجهزة التي تغير الأفكار والمشاعر والأحاسيس والأخلاق والعقائد بدعوات التطور والحداثة واللادينية التي تسمى زوراً وتمويهاً بالعلمنة . . . . . إلخ ، والحديث الشربف يقول فيه صلى الله عليه وسلم{. . . . .   ألا و إن في الجسد مضغة إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجسدُ كله وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجسدُ كله ألا وهي القلب  } رواه البخاري

ومن هؤلاء الجراحين من يعمل في العقول وذلك ليغير أنماط التفكير وطرائق الفهم بدعوى حرية الفكر وهي في الحقيقة فوضى الكفر .

 ومن هؤلاء من يعمل في العين ليؤثر في طرق الرؤية وقوة البصر ومنهم من يعمل في الآذان ليعطل جهاز السمع ويعيق عمله، ومنهم من يعمل في جهاز النطق وذلك ليخرج التعبير بأصوات مبهمة وألفاظ غريبة غير مألوفة . . . . .  بدعوى حرية الإعلام والصحافة، وهي في الحقيقة فوضى الإيلام والسخافة، أو كما يدَّعون حرية الكلمة، وهي في الحقيقة فوضى اللَّكْمَة فَيَلْكُمُ بكَلِمَتِهِ من يشاء بلا رقيب ولا حسيب، فنتج عن ذلك كله تغيير في مناهج التعليم . . . . .   وتشويه في وسائل الإعلام . . . . .  وتزييف في حقائق التاريخ . . . . .  ومسخ للعقول والأفكار . . . .  وقلب للأقلام والألسنة . . . . .

 

 وقد يكون الجرَّاح - بزعم إخوانه - خطيباً مُصْقَعاً، وقد يكون الجرَّاح أديباً بارعاً وقد يكون الجراح زعيماً مُلْهَماً، وقد يكون الجراح مُفَكِّراً ضالعاً، وقد يكون الجراح صحفياً ذائعاً، وإعلامياً واسعا؛ كما يسمي الجراحون بعضهم بعضاً، وكما يدعي بعضهم لبعض، فشاهدهم منهم، وقاضيهم منهم، كلٌ جاهزٌ للشهادة والقضاء كما يشاء لمن يشاء، فصار المتنفِّذون الجراحون المُمَلَّكُون لهذا الجسد يتكلمون ولكن بغير لسانهم، ويكتبون ولكن بغير مدادهم، ويفكرون ولكن بغير عقولهم، ويفقهون ولكن بغير قلوبهم، وينظرون ولكن بغير عيونهم، ويمشون ولكن بغير أرجلهم، ويسعون ولكن لغير أهدافهم، ويضحكون ولكن على أنفسهم، ويسخرون ولكن من شعوبهم ومجتمعاتهم، ويفرحون ولكن بأعدائهم، ويسرون ولكن . . . . وعلى كل حال من أين لهم آلات الجراحة هذه ؟! ومن أين لهم تلك المباضع ؟!

وكيف حالنا في بلادنا مع هذا كله ؟! .

قال الله تعالى{ ومِنَ النَّاسِ مَن يقولُ آمنَّا بالله وباليومِ الآخرِ ومَا هُم بمُؤمنينَ* يُخَادِعُونَ اللهَ والذينَ آمَنُوا ومَا يَخْدَعُونَ إلا أَنفُسَهُم ومَا يَشْعُرُون* فيِ قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهمُ اللهَ مَرَضَاً ولَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ* وإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فيِ الأَرْضِ قَالوُا إِنَّمَا نحنُ مُصْلِحُونَ* ألاَ إنَّهم هم المفُسِدُونَ ولَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ}        (البقرة 8-10)

 

نشر في مجلة الاستقامة العدد الثاني عشر

طباعة 2020

أنا العبد الفقير إلى الله الغني به عما سواه أبو عبد الله ياسين بن خالد بن أحمد الأسطل مواليد محافظة خان يونس في بلدة القرارة بعد عصر الأحد في 8ربيع الأول 1379 هجرية الموافق 21\9\1959 إفرنجية....

مــا رأيـك بـالـموقـع