الكفر بالطاغوت حقيقته . . . لوازمه . . . ثمرته 2011/03/15

الكفر بالطاغوت

حقيقته . . . لوازمه . . .  ثمرته

 بقلم / الشيخ ياسين الأسطل

 

 

أخي القارئ الحبيب . . ما هي حقيقة الكفر بالطاغوت ؟!،الطاغوت هو : ما يعبد من دون الله عز وجل من شيطان أو جبت أو إنس أو رؤوس الضلال، والجبابرة العنيدون المستكبرون الظالمون الذين يسومون الناس خسفًا وجورًا، وعلى ذلك فحقيقة الكفر بالطاغوت هي: (البراءة من جميع الطواغيت ظاهرًا وباطنًا، قلبًا وقالبًا، مع إعلان ذلك بالقول والفعل دون مواربةويدل على ذلك

 

قول الله تعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا *وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم *لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد}الممتحنة(4-6).

 

وقوله سبحانه : { لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباؤهم أو أبناءهم أو إخوانـهم أو عشيرتـهم أولئك كتب في قلوبـهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنـهار خالدين فيها أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون }المجادلة(22).

 

ولهذا أمر الله نبيهصلى الله عليه وسلم بإعلان البراءةفي قوله سبحانه: {قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون}الأنعام(19)، وأيضًا في قوله سبحانه: {قل يا أيها الكافرون *لا أعبد ما تعبدون *ولا أنتم عابدون ما أعبد *ولا أنا عابد ما عبدتم *ولا أنتم عابدون ما أعبد *لكم دينكم ولي دين} .

 

والمؤمن يجتنب الأصنام وعابديها والطواغيت ومريديها، قال سبحانه: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام *رب إنـهن أضللن كثيرًا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم}إبراهيم(35-36)، بل ويعتزل وحده فرارًا بدينه كما في قوله جل وعلا: {وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيًا *فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلاً جعلنا نبيًا}مريم(48-49)،{ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}النحل(36)، {فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور *حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خرَّ من السماء فتخطفه الطير أو تـهوي به الريح في مكان سحيق}الحج(30-31)،

 

والكفر بالطاغوت يستلزم ما يلي:

 

*المعاداة القلبية للطواغيت، وإظهار وإعلان تلك العداوة، قال الله عز وجل: {قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمـون * فإنـهم عدو لي إلا رب العالمين}الشعراء(75-77) .

 

*اجتناب مواضع وأماكن تلك الطواغيت وهجران عابديها والعاكفين حولها، فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى خثعمٍ فاعتصم ناس منهم بالسجود فأسرع فيهم القتل، قال: فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم: فأمر لهم بنصف العقل وقال: {أنا بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين، قالوا : يا رسول الله لِمَ ؟ قال : لا ترايا ناراهما}رواه أبو داود، وهذا كان شأن الرسل والأنبياء عليهم السلاموأتباعهم في كل زمان وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه المهاجرون رضي الله عنهم فقد هجروا كل شيء في سبيل الله إلا ما هو سبب إلى طاعته والقرب منه.

 

*عدم التحاكم إلى الطواغيت وشرائعهم وأحكامهم وقوانينهم وأنظمتهم، قال سبحانه وتعالى: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيدًا}النساء(60)، وقال سبحانه: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون}المائدة(50)، فالمسلم لا يرضى بغير شريعة الله بديلاً، ولا يريد عنها انتقالاً ولا تحويلاً، وكل الشرائع والقوانين البشرية هي اعتداء على سلطان الله وأحكامه، ولا يجوز للمسلمين الرضا بـها ولا التحاكم إليها، ويدخل في ذلك ما يسمى بالشرعية الدولية والقانون الدولي وما يزعم من نظام عالمي جديد وعولمة وغير ذلك من كلمات ومصطلحات خادعة زائفة يراد بـها الكيد والمكر، فكلها من أحكام الجاهلية الآخرة التي هي أشد ضلالاً من الجاهلية الأولى .

 

*عدم موالاتـهم وعدم إلقاء المودة إليهم، قال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادًا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضلَّ سواء السبيل *إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداءً ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون *لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير}الممتحنة(1-3)، وقال جلت قدرته: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين *فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم ويقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين}المائدة(51-52)،

 

وثمرة الكفر بالطاغوت بجميع أشكاله تتجلى في:

 

1- تطهيـر القلب والنـفس من الأرجاس والأنجاس، فقد وصف الله عز وجل الأوثان بأنـها رجس، قال سبحانه: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان}الحج(30)، كما وصف الله عز وجل المشركين بأنـهم نجس، قال عز من قائل: {يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا}التوبة(28)،

وقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلمًا}رواه مسلم .

 

2- التحرر من عبودبة الطواغيت سواء عبودية العبادة، كما قال سبحانه وتعالى: {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد}الزمر(17)، أم عبودية القهر والتسلط، كما قال سبحانه: {وتلك نعمة تمُنُّها عليَّ أن عبَّدت بني إسرائيل}الشعراء(22)، وهذا في خطاب موسى عليه السلام لفرعون .

 

3- وإذا تحقق ذلك كله تهيأ الإنسان الذي كفر بالطاغوت بجميع المعاني السابقة إلى الثمرة العظمى والسعادة الكبرى فما هي ؟

طباعة 1959

أنا العبد الفقير إلى الله الغني به عما سواه أبو عبد الله ياسين بن خالد بن أحمد الأسطل مواليد محافظة خان يونس في بلدة القرارة بعد عصر الأحد في 8ربيع الأول 1379 هجرية الموافق 21\9\1959 إفرنجية....

مــا رأيـك بـالـموقـع